فصل: الفصل الثاني: الفرق بين الأمراض الخاصية والمشارك فيها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.الفصل الثاني: الفرق بين الأمراض الخاصية والمشارك فيها:

ولما كانت الأمراض قد تعرض بدءا في عضو وقد تعرض بالمشاركة كما يشارك الرأس المعدة في أمراضهما فواجب أن نحد الفرق بين الأمرين بعلامة فاصلة فنقول: أنه يجب أن يتأمل أيهما عرض أولاً فيحدس أنه الأصلي والآخر مشارك ويتأمل أيهما يبقى بعد فناء الثاني فنحدس الأصلي والآخر مشارك وبالضد فإن المشارك يحدس من أمره أنه هو الذي يعرض أخيراً وأنه يسكن مع سكون الأول.
لكن قد يعرض من هذا غلط وهو أنه ربما كانت العلة الأصلية غير محسوسة وغير مؤلمة في ابتدائها ثم يحس ضررها بعد ظهور المرض الشركي.
وهو بالحقيقة عارض بعدها تالٍ لها فيظن بالمشارك والعارض أنه والمرض الأصلي أو ريما لم يفطن إلا بالعارض وحده وغفل عن الأصلي أصلاً وسيل التحرز من هذا الغلط أن يكون الطبيب عالم مشارك الأعضاء وذلك من علمه بالتشريح وعارفاً بالآفات الواقعة بعضو عضو وما كان منها محسوساً أو غير محسوص فيتوقف في المرض ولا يحكم فيه أنه أصلي إلا بعد تأمله لما يمكن أن يكون عروضه تبعاً له فيسائل المريض عن علامات الأمراض التي يمكن أن تكون في الأعضاء المشاركة للعضو العليل أو تكون غير محسوسة ولا مؤلمة ألماً ظاهراً ولا مثيرة عرضاً قريباً منها لكنها إنما يتبعها أمور بعيدة عنها محسوسة.
ويجعل المريض أنها عوارض لمثل ذلك الأصل البعيد بل إنما يهدي إلى ذلك معرفة الطبيب.
وأكثر ما يهتدي منه تأمله لمضار الأفعال وإذا وجدها سابقة حكم بأن المرض مشارك فيه.
على أن الأعضاء أعضاء أكثر أحوالها أن تكون أمراضها متأخرة عن أمراض أعضاء أخرى فإن الرأس في أكثر الأحوال تكون أمراضه بمشاركة المعدة وإما عكس ذلك فأقل.
ونحن نضع بين يديك علامات الأمزجة الأصلية والعارضة بوجه عام.
فأما التي يخصق منها عضواً عضواً فسيقال في بابه.
وأما علامات أمراض التركيب فإن ما كان منها ظاهراً فإن الحس يعرفه وما كان من باطن فإن ما سوى الامتلاء والسدة والأورام وتفرق الاتصال يعسر حصره في القول الكلي وكذلك ما يخص من الامتلاء والسدة والورم والتفرق عضواً عضواً فالأولى لجميع ذلك أن يؤخر إلى الأقاويل الجزئية.

.الفصل الثالث: علامات الأمزجة:

أجناس الدلائل التي منها يتعرّف أحوال الأمزجة عشرة.
أحدها: الملمس ووجه التعرف منه أن يتأمل أنه هل هو مساوٍ للمس الصحيح في البلدان المعتدلة والهواء المعتدل فإن ساواه دل على الاعتدال وإن انفعل عنه اللامس الصحيح المزاج فبرد أو سخن أو استلانه استلانة فوق الطبيعي أو استصلبه واستخشنه فوق الطبيعي وليس هناك سبب من هواء أو استحمام بماء وغير ذلك مما يزيده ليناً أو خشونة فهو غير معتدل المزاج وقد يمكن أن يتعزف من حال أظفار اليدين في لينها وخشونتها ويبسها حال مزاج البدن إن لم يكن ذلك لسبب غريب.
على أن الحكم من اللين والصلابة متوقف على تقدم صحة دلالة الاعتدال في الحرارة والبرودة فإنه إن لم يكن كذلك أمكن أن يلين الحارة الملمس الصلب والخشن فضلاً عن المعتدل بتحليله فيتوهم أنه لين بالطبع ورطب وأن يصلب البارد الملمس اللين فضلاً عن المعتدل بفضل إجماده وتكثيفه فيتوهم يابساً مثل الثلج والسمين.
أما الثلج فلانعقاده جامداً وأما السمين فلغلظه وأكثر من هو بارد المزاج لين البدن وإن كان نحيفاً لأن الفجاجة تكثر فيه.
والثاني: حسن الدلائل المأخوذة من اللحم والشحم فإن اللحم الأحمر إذا كان كثيراً دل على الرطربة والحرارة ويكون هناك تلزز.
وإن كان يسيراً وليس هناك شحم كثير دل على اليبس والحرارة.
وأما السمين والشحم فيدلان على البرودة ويكون هناك ترهل فإن كان مع ذلك ضيق من العروق وقلّة من الدم وكان صاحبه يضعف على الجوع لعقدة الدم الغريزي المهيىء لحاجة الأعضاء إلى التغذية به دل على أن هذا المزاج جبلي طبيعي وإن لم تكن هذه العلامات الأخرى دل على أنه مزاج مكتسب.
وقلة السمين والشحم تدل على الحرارة فإن السمين والشحم مادته دسومة الدم وفاعله البرد ولذلك يقل على الكبد ويكثر على الأمعاء وإنما يكثر على القلب فوق كثرته على الكبد للمادة لا للمزاج والصورة ولعناية من أطبيعة متعلقة بمثل تلك المادة والسمين والشحم فإن جمودهما على البدن يقلّ ويكثر بحسب قلة الحرارة وكثرتها.
والبدن اللحيم بلا كثرة من السمين والشحم هو البدن الحار الرطب وإن كان كثير اللحم الأحمر ومع سمين وشحم قليل دل على الإفراط في الرطوبة وإن أفرطا دل على الإفراط في البرد وأقصف الأبدان البارد اليابس ثم الحار اليابس ثم اليابس المعتدل في الحرّ والبرد ثم الحار المعتدل في الرطوبة واليبس.
والثالث: جنس الدلائل المأخوذة من الشعر وإنما يؤخذ من جهة هذه الوجوه وهي سرعة النبات وبطؤه وكثرته وقلته ورقته وغلظه وسبوطته وجعودته.
ولونه أحد الأصول في ذلك.
وأما الاستدلال من سرعة نباته وبطئه أو عدم نباته فهو أن البطيء النبات أو فاقد النبات إذا لم يكن هناك علامات دالة على أن البدن عادم للدم أصلاً يدل على أن المزاج رطب جداً فإن أسرع فليس البدن بذلك الرطب بل هو إلى اليبوسة ولكن يستدلّ على حرارته وبرودته من دلائل أخرى مما ذكرناه.
لكنه إذا اجتمعت الحرارة واليبوسة أسرع نبات الشعر جداً وكثر وغلظ وذلك لأن الكثرة تدل على الحرارة والغلظ يدلّ على كثرة الدخانية كما في الشبان دون ما في الصبيان فإن الصبيان مادتهم بخارية لا دخانية وضدهما يتبع ضدهما.
وأما من جهة الشكل فإن الجعودة تدل على الحرارة وعلى اليبس وقد تدلّ على التواء الثقب والمسام وهذا لا يستحيل بتغيّر المزاج.
والسببان الأولان يتغيران.
والسبوطة تدل على أضداد ذلك.
وأما من جهة اللون فالسواد يدل على الحرارة والصهوبة تدلُ على البرودة والشقرة والحمرة تدلان على الاعتدال والبياض يدل إما على رطوبة وبرودة كما في الشيب وإما على يبس شديد كما يعرض لنبات عند الجفاف من انسلاخ سواده وهو الخضرة إلى البياض.
وهذا إنما يعرض في الناس في أعقاب الأمراض المجففة.
وسبب الشيب عند ارسطوطاليس هو الإستحالة إلى لون البلغم وعند جالينوس هو التكرّج الذي يلزم الغذاء الصائر إلى الشعر إذا كان بارداً وكان بطيء الحركة مدة نفوذه في المسام.
وإذا تأملت القولين وجدتهما في الحقيقة متقاربين فإن العلّة في بياض اللون البلغم.
والعلة في ابيضاض المتكرج واحد وهو إلى الطبيعي وبعد هذا فإن للبلدان والأهوية تأثيراً في الشعر ينبغي أن يراعى فلا يتوقع من الزنجي شقرة شعر ليستدلّ به على اعتدال مزاجه الذي له ولا في الصقلبي سواد شعر حتى يستدل به على سخونة مزاجه الذي يحسبه.
وللأسنان أيضاً تأثير في أمر الشعر فإن الشبان كالجنوبيين والصبيان كالشماليين والكهول كالمتوسطين وكثرة الشعر في الصبي تدلّ على استحالة مزاجه إلى السوداوية إذا كبر وفي الشيخ على أنه سوداوي في الحال.
وأما الرابع: فهو جنس الدلائل المأخوذة من لون البدن فإن البياض دليل عدم الدم وقلّته مع برودة فإنه لو كان مع حرارة وخلط صفراوي لاصفر والأحمر دليل على كثرة الدم وعلى الحرارة والصفرة والشقرة يدلان على الحرارة الكثيرة لكن الصفرة أدل على المرار والشقرة على الدم أو الدم المراري وقد تدلّ الصفرة على عدم الدم وإن لم يوجد المرار كما تكون في أبدان الناقهين.
والكمودة دليل على شدّة البرد فيقل له الدم ويجمد ذلك القليل ويستحيل إلى السواد.
وتغير لون الجلد والأدم دليل على الحرارة.
والباذنجاني دليل على البرد واليبس لأنه لون يتبع صرف السوداء.
والجصي يدل على صرف البرد والبلغمية.
والرصاصي دليل للبرودة والرطوبة مع سوداوية ما لأنه بياض مع أدنى خضرة فيكون البياض تابعاً للون البلغم أو المزاج الرطوبة.
والخضرة تابعة لدم جامد إلى السواد ما هو قد خالط البلغم فخضره.
والعاجي يدل على برد بلغمي مع مرار قليل.
وفي أكثر الأمر فإن اللون يتغير بسبب الكبد إلى صفرة وبياض وبسبب الطحال إلى صفرة وسواد وفي علل البواسير إلى صفرة وخضرة وليس هذا بالدائم بل قد يختلف.
والاستدلال من لون اللسان على مزاج العروق الساكنة والضاربة في البدن قوي.
والاستدلاد من لون العين على مزاج الدماغ قوي وربما عرض في مرض واحد اختلاف لوني عضوين مثل أن اللسان قد يبيض وبشرة الوجه تسود في مرض واحد مثل اليرقان العارض لشدة الحرقة من المرار.
وأما الخامس: فهو جنس الدلائل المأخوذة من هيئة الأعضاء فإن المزاج الحار يتبعه سعة الصدر وعظم الأطراف وتمامها في قدورها من غير ضيق وقصر وسعة العروق وظهورها وعظم النبض وقوته وعظم العضل وقربها من المفاصل لأن جميع الأفاعيل النسبية والهيئات التركيبية يتم بالحرارة.
والبرودة يتبعها أضداد هذه لقصور القوى الطبيعية بسببها عن تتميم أفعال الانشاء والتخليق.
والمزاج اليابس يتبعه قشف وظهور مفاصل وظهور الغضاريف في الحنجرة والأنف وكون الأنف مستوياً.
وأما السادس: فهو جنس الدلائل المأخوذة من سرعة انفعال الأعضاء فإنه إن كان العضو يسخن سريعاً بلا معاسرة فهو حار المزاج إذ الاستحالة في الجنس المناسب تكون أسهل من الاستحالة إلى المضادة وإن كان يبرد سريعاً فالأمر بالضد لذلك بعينه فإن قال قائل: إن الأمر يجب أن يكون بالضد فإنا نعرف يقيناً أن الشيء إنما ينفعل عن ضده لا عن شبهه وهذا الكلام الذي قدمته يوجب أن يكون الإنفعال من الشبه أولى.
والجواب عن هذا أن الشبيه الذي لا ينفعل عنه هو الذي كيفيته وكيفية ما هو شبيه به واحدة في النوع والطبيعة.
والأسخن ليس شبيهاً بالأبرد بل السخينان واحدهما أسخن يختلفان فيكون الذي ليس بأسخن هو بالقياس إلى الأسخن بارداً فينفعل من حيث هو بارد بالقياس إليه لا حار وينفعل أيضاً عن الأبرد منه وعن البارد إلا أن أحدهما ينمّي كيفيته ويعيّن أقوى ما فيه والآخر ينقص كيفيته فيكون استحالته إلى ما ينمي كيفيته ويعين أقوى ما فيه أسهل.
على أن ههنا شيئاً آخر يختصّ ببعض ما يشاركه في الكيفية وهو ناقص فيها مثل أن الحار المزاج في طبعه إنما يسرع قبوله لتأثير الحار فيه لما يبطل الحار من تأثير الضدّ الذي هو البرد المعاوق لما ينحوه المزاج الحار من زيادة تسخين فإذا التقيا وبطل المانع تعاونا على التسخين فيتبع ذلك التعاون اشتداد تام من الكيفيتين.
وأما إذا حاول الحار الخارجي أن يبطل الاعتدال فإن الحار الغريزي الداخل أشد الأشياء مقاومة له حتى إن السموم الحارة لا يقاومها ولا يدفعها ولا يفسد جوهرها إلا الحرارة الغريزية.
فإن الحرارة الغريزية آلة للطبيعة تدفع ضرر الحار الوارد بتحريكها الروح إلى دفعة وتنحية بخاره وتحليله وإحراق مادته وتدفع أيضاً ضرر البارد الوارد بالمضادة.
وليست هذه الخاصية للبروعة فإنها إنما تنازع وتعاوق الوارد الحار بالمضادة فقط ولا تنازع الوارد البارد.
والحرارة الغريزية هي التي تحمي الرطوبات الغريزية عن أن تستولي عليها الحرارة الغريبة فإن الحرارة الغريزية إذا كانت قوية تمكنت الطبيعة بتوسّطها من التصرّف في الرطوبات على سبيل النضج والهضم وحفظها على الصحة فتحرّكت الرطوبات على نهج تصريفها وامتنعت عن التحرك على نهج تصريف الحرارة الغريبة فلم يعفن.
أما إن كانت هذه الحرارة ضعيفة خلت الطبيعة عن الرطوبات لضعف الآلة المتوسطة بينها وبين الرطوبات فوقفت وصادفتها الحرارة الغريبة غير مشغولة بتصريف فتمكنت منها واستولت عليها وحركتها حركة غريبة فحدثت العفونة فالحرارة الغريزية آلة للقوى كلها والبرودة منافية لها لا تنفع إلا بالعرض فلهذا يقال حرارة غريزية ولا يقال برودة غريزية ولا ينسب إلى البرودة من كدخدائية البدن ما ينسب إلى الحرارة.
وأما السابع: فحال النوم واليقظة فإن اعتدالهما يدلّ على اعتدال المزاج لا سيما في الدماغ وزيادة النوم بالرطوبة والبرودة وزيادة اليقظة لليبس والحرارة خاصة في الدماغ.
وأما الثامن: فهو الجنس المأخوذ من دلائل الأفعال فإن الأفعال إذا كانت مستمرة على المجرى الطبيعي تامة كاملة دلت على اعتدال المزاج وإن تغيرت عن جهتها إلى حركات مفرطة دلت على حرارة المزاج وكذلك إذا أسرعت فإنها تدل على الحرارة مثل سرعة النشو وسرعة نبات الشعر وسرعة نبات الأسنان وإن تبلدت أو ضعفت وتكاسلت وأبطأت دلت على برودة المزاج.
على أن قد يكون ضعفها وتبلدها وفتورها واقعاً بسبب مزاج حار إلا أنه لا يخلو مع ذلك عن تغيير عن المجرى الطبيعي مع الضعف وقد يفوت بسبب الحرارة أيضاً كثيراً من الأفعال الطبيعية وينقص مثل النوم فربما بطل بسبب المزإج الحار أو نقص ولذلك قد يزداد بعض الأحوال الطبيعية للبرد مثل النوم إلا أنها لا تكون من جملة الأحوال الطبيعية مطلقاً بل بشرط وبسبب فان النوم ليس محتاجاً إليه في الحياة.
والصحة حاجة مطلقة بل بسبب تخل من الروح عن الشواغل لما عرض له من التعب أو لما يحتاج إليه من الإكباب على هضم الغذاء لعجزه عن الوفاء بالأمرين.
فإذن: النوم إنما يحتاج إليه من جهة عجز ما وهو خروج عن الواجب الطبيعي.
وإن كان ذلك الخروج طبيعياً من حيث هو ضروري فإن الطبيعي يقال على الضرورة باشتراك الاسم.
وهذا القسم أصح دلائله إنما هو على المزج المعتدل وذلك بأن تعتدل الأفعال وتتم.
وأما دلالته على الحر والبرد واليبوسة والرطوبة فدلالة تخمينية.
ومن جنس الأفعال القوية الدالة على الحرارة قوة الصوت وجهارته وسرعة الكلام واتصاله والغضب وسرعة الحركات والطرف وإن كان قد تقع هذه لا بسبب عام بل بسب خاص بعضو الفعل.
والجنس التاسع: جنس دفع البدن للفضول وكيفية ما يدفع فإن الدفع إذا استمر وكان ما يبرز من البراز والبول والعرق وغير ذلك حاراً له رائحة قوية وصبغ لما له من صبغ وانشواء وانطباخ لما له انشواء وانطباخ فهو حار وما يخالفه فهو بارد.
والجنس العاشر: مأخوذ من أحوال قوى النفس في أفعالها وانفعالاتها مثل أن الحرد القوي والضجر والفطنة والفهم والإقدام والوقاحة وحسن الظن وجودة الرجاء والقساوة والنشاط ورجولية الأخلاق وقلة الكسل وقلة الإنفعال من كل شيء يدلّ على الحرارة وأضدادها على البرودة.
وثبات الحرد والرضا والمتخيل والمحفوظ وغير ذلك يدل على اليبوسة وزوال الإنفعالات بسرعة يدل على الرطوبة.
ومن هذا القبيل الأحلام والمنامات فإن من غلب على مزاجه حرارة يرى كأنه يصطلي نيراناً أو يشمس ومن غلب على مزاجه برد فيرى كأنه يثلج أو هو منغمس في ماء بارد ويرى صاحب كل خلط ما يجانس خلطه فيما يقال.
وهذا الذي ذكرناه كله أو أكثره إنما هو من باب علامات الأمزجة الواقعة في أصل البنية.
وأما الأمزجة الغريبة العرضية: فالحار منها يدل على اشتعال للبدن مؤذ وتأذ بالحميّات وسقوط قوة عند الحركات لثوران الحرارة وعطش مفرط والتهاب في فم المعدة ومرارة في الفم ونبض إلى الضعف والسرعة الشديدة والتواتر وتأذ بما يتناوله من المسخنات وتشف بالمبردات ورداءة حال في الصيف.
وأما دلائل المزاج البارد غير الطبيعي فقلة هضم وقلة عطش واسترخاء مفاصل وكثرة حميات بلغمية وتأذ بالنزلات.
وبتناول المبردات وتشف بتناول ما يسخن ورداءة حال في الشتاء.
وأما دلائل الرطب غير الطبيعي فمناسبة لدلائل البرودة وتكون مع ترهّل وسيلان لعاب ومخاط وانطلاق طبيعة وسوء هضم وتأذ بتناول ما هو رطب وكثرة نوم وتهيج أجفان.
وأما دلائل اليبس غير الطبيعي فتقشف وسهر ونحول عارض وتأذ بتناول ما فيه من يبس وسوء حال في الخريف وتشف بما يرطب وانتشاف في الحال للماء الحار والدهن اللطيف وشدة قبول لهما فاعلم هذه الجملة.